السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استميحكم عذرا في تسجيل أول مشاركة لي هنافي الرد على هذا الموضوع الحيوي والدقيق.
وحقيقة أخي التاريخ كاتب الموضوع، رائعٌ ما كتبت، واروع منه هي تلك الفلسفة الكامنة وراء الموضوع.
الا وهي البحث في خصائص التاريخ الاسلامي وما يميزه عن غيره من التاريخ.
واثراءً للموضوع لا اعتراضا على ما كتب اقول التالي:
إن خصائص تاريخ أية أمة تنبثق من خصوصية أحداثها، والتي تعود إلى مزايا و صفات تلك الأمة (من ضمن ما تتأثر به الأحداث من مؤثرات)
لكن إذا ما كنت تقصد خصائص تدوين و توثيق التاريخ فالأمر هنا مختلف
و اعتراضي على بعض النقاط التي ذكرت هو ما يلي:
ثانياً : تاريخنا منضبط دقيق :
أظنك تتحدث عن الأخبار والروايات الدينية إضافةً إلى ما اشتهر من احداث. والا فإن الكثير من الروايات التاريخية (والدينية وان كانت خارج السياق) لا يقبلها العقل فأي ضبط حينما نعلم أن المنتصر سياسيا هو من حاز على إعجاب المؤرخين، بينما حاز أعداؤهم على السخط و الغضب كالأمين و المأمون وكالحجاج و ابن الأشعث و كالمستعصم وابن الاحمر وتاريخنا زاحر بمثل هذه الأمثلة.
ثالثاً : تاريخنا مليء بالحيوية والتجدد :
أظنك تقصد الحضارة وليس التاريخ. ولا ارى فتح القسطنطينية يواسينا بسقوط غرناطة فشتان بين مدينة اشرقت على اوروبا بالعلم و التقدم و مدينة سدت منافذ النور عن الشرق. فالزمن التاريخي ليس كالزمن الذي نتعامل به في حياتنا اليومية وكذلك المكان التاريخي. فاللحظة الزمنية تاريخيا لا تتساوى مع نفسها في مكانٍ آخر أو عند أمةٍ أخرى. فالتزامن أمر و التعاصر أمرٌ آخر مختلف.
نعم كان هناك تجديد وحيوية تبادلت رايتها الكثير من الأمم، وكانت تأتي أحيانا بصبغة عسكرية واحايانا بصيغ حضارية متعددة
رابعاً : تاريخنا مليء بالتفاصيل المهمة الرائعة :
وكثير من هذه التفاصيل غير صحيح، فكل يومٍ نفاجأ بروايةٍ مكذوبة على شخصية تاريخية، ولك في أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه خير مثال. نعم لدينا من التفاصيل ما نكشف به صدق الروايات من كذبها، لكن المسألة تحتاج إلى نهوض أمة لتنقيح هذه التفاصيل. وقبل ذلك معرفة ماذا نأخذ من التاريخ وقبله معرفة لماذا نأخذ من التاريخ.
خامساً : تاريخنا يحمل البشرى لمستقبلنا :
أعود و أقول أنك تتحدث عن الروايات الدينية وليس التاريخ. وبالمناسبة أنا لا أرى دقة ما تقول. فالأخبار عن قتامة المستقبل أكثر بكثير من تلك المبشرات، فكل جيلٍ خيرٌ من الذي يليه، وخير القرون قد مضى وسيعود الإسلام في جزيرة العرب و وستُهدم الكعبة (كما في الأخبار ولا قدر الله) وطوبى للغرباء فأبن المبشرات وكلنا عهنٌ منفوش حتى يخرج المهدي الذي سيوحدنا. ولا علاقة للتاريخ الذي يسير على سنن أدق من تروس و عقارب الساعة بكل ذلك.
واعود إلى قولي أن موضوعك دقيق وعلى درجة كبيرة من الأهمية إذ أني اعتبره دعوة لصياغةابجدية قراءة وفهم تاريخنا.
مع الاعتذار مقدما لكل من لا يقبل الحوار